في كل مرة تخرج علينا جماعة العدل و الإحسان، متخذة ذلك الموقع السياسي العدمي المريح الذي ألفته و استعذبته، لتعطينا دروس في الفكر السياسي و الدستوري التي لا تطبقها حتى داخل صفوفها، ثم تردفها بدروس في التسيير و التدبير و هي ابعد ما يكون عن الشفافية و النزاهة في تسير و تدبير أمورها الداخلية سواء كانت تنظيمية أو مالية.
فالهجوم الذي تشنه جماعة العدل و الإحسان على حكومة ابن كيران لا يعدوا أن يكون نتيجة لذلك الحنق الشديد الذي انتاب أتباع الفكر الخرافي الانتظاري، عندما دخل حزب العدالة و التنمية إلى غمار الانتخابات، و كان رأي الجماعة أن المخزن لن يسمح للحزب بالفوز في الانتخابات و قيادة الحكومة، و هو الأمر الذي تم مما شكل صدمة لإتباع الجماعة و قياداتها الذي يشككون دائما في نزاهة الانتخابات.
بعد وصول ابن كيران لرئاسة الحكومة غيرت الجماعة من استراتيجيها، و أصبح الكلام عن عجز الحكومة و ضعفها و قلة حيلتها، رافضة كل ما تم تحقيقه من منجزات تحت قيادة الملك محمد السادس.
الغريب في الأمر أن ما تنتقده الجماعة في الدولة ينطبق تماما على تنظيمها الداخلي ذي الطابع الكهنوتي، فسلطة الشيخ المربي لا تناقش حيث يتم اختزال الجماعة في شخص الشيخ الذي أحيطت به هالة من القداسة تجاوزت حدود العقل إلى مستوى متقدم من الخرافة.
تسلط الفرد داخل الجماعة و مركزيته جعل أتباع الجماعة بما فيهم قياداتها لا يستطيعون حتى نقد الشيخ أو مناقضة قراراته حتى و لو كانت خاطئة و لا أدل على ذلك الأمور التي حدثت و الصراع الذي كان خفيا و طفا على السطح بين نادية ابن الشيخ و عدد من قيادات الجماعة خاصة فيما يتعلق بتنظيم “الأخوات الزائرات”، الذي كان قد اقترحه الشيخ عبد السلام ياسين، وتولت مهامه ابنته باستقلالية مالية وتنظيمية تامة، حيث لم يتجرأ أحد آن ذاك على مساءلة نادية ياسين ماذا تفعل داخل ذلك التنظيم خاصة فيما يتعلق بماليته، إلا أن توفي الشيخ ياسين ليتم إلحاق التنظيم المستقل بالجهاز الهرمي للجماعة، و ربما لو أن الشيخ لازال حيا لكانت نادية ما تزال تفعل ما تريد بأموال الجماعة دون رقيب.
إن مشكلة العدل و الإحسان تكمن أساسا في سياسة العهد الجديد التي بصم عليها الملك محمد السادس على جميع المستويات، خاصة على المستوى الاجتماعي، حيث استطاع بتواضعه و حسن تصرفه أن ينال قدرا هائلا من الحب من طرف الشعب، الأمر الذي يبدوا انه أغاض الجماعة التي كانت تراهن على العكس من أجل إثبات صدق دعواها، إلا أنها أصدمت بالواقع المر، واقع تجاوز فكر الجماعة المتحجر و المتزمت.
كما أن تمكين حزب العدالة و التنمية من تسير أمور البلاد و هو الذي كانت تشكك فيه الجماعة ساهمة في زيادة وقع الصدمة عليها، و هي التي كانت تقول باستحالة وصول تنظيم إسلامي إلى سدة الحكم في المغرب.
تعليقات
إرسال تعليق