بكثير من الثقة دافع القيادي في قطب التغيير النائب البرلماني السابق عباس ميخاليف، عن مشروع المعارضة الرامي إلى إحداث تغيير سلمي، معتبرا أن ما تسوّق له أحزاب الموالاة ليس أكثر من مشروع “تخويف” الشعب، فهذه الأحزاب يقول ميخاليف تعيش الضياع والقحط “.
كما لم يفوت ميخاليف الفرصة للحديث عن عودة شكيب خليل، وزير الطاقة السابق المُلاحق إعلاميًا باتهامات فساد، إلى أرض الوطن، مشككا في السيناريو الذي سوّقت له بعض الأطراف آنذاك، ودافع في الوقت ذاته عن مؤسسة المخابرات التي قال عنها إنها كانت صامدة في أحلك الظروف التي مرت بها الجزائر، منتقدا الدستور الجديد وما حمله من تعديلات خصوصا دور مجلس الأمة الذي حوّلته السلطة التنفيذية إلى أداة تعطل به كل عمل لا ترغب فيه.
في الوقت الذي جاء فيه التعديل الدستوري متضمنا اعترافا بالمعارضة السياسية كهيئة وطنية، لا تترك أحزاب السلطة فرصة إلا وتنعت المعارضة بشتى صفات التخوين وضرب استقرار البلاد.. كيف تقرأ ذلك؟
أحزاب الموالاة تعيش الضياع والقحط السياسي الذي يجبرها على دق طبول الولاء لبرنامج الرئيس دون سواه، لأنها تفتقر إلى البرامج البديلة التي تغذي مسارها النضالي ، فهي تحتمي بـ “برنوس” الرئيس لتجعل منه قميص عثمان في كل محطة يشتد فيها الحصار على سلوكات السلطة من طرف الرأي العام الوطني، الذي أصبح على بينة بكل ما يدور داخل أروقة النظام بفضل ما وفرته وسائل الاتصال الحديثة بوجه عام، وتحتمي كذلك بالمواقف الميدانية التي حققتها أحزاب المعارضة بوجه خاص، وهذا من دلائل تخندق تشكيلات الموالاة في صراع رهيب فيما بينها تقربا وتوددا لخدمة السلطة.
كيف تفسّر ذلك؟
المشهد الآخر الذي ترسمه أحزاب الموالاة وتسوقه صباحا مساء هو مشروع تخويف الشعب من خلال تخوين المعارضة ونعتها بكل الصفات لمحاصرة نشاطاتها والحد من انتشارها وشل كل اتصالاتها التي شكلت أرضية توافق الكثير من الأحزاب والشخصيات الوطنية على اختلاف مشاربهم وقناعاتهم الفكرية، فمعسكر المعارضة يتسع ويتدعم والكل يقرع ناقوس الخطر لقطع الصمت الرهيب الذي بات يخيم على رؤوس المتواطئين داخل أروقة السلطة من عبيد المناصب وحيتان المال القذر.
ما تقييمك للتحضيرات الجارية لندوة المعارضة ” مازافران 2″، وهل ستحقق هدفها في إلزام السلطة بتقديم تنازلات في اتجاه مطلب التغيير الذي تنادي به المعارضة؟
المعارضة أصبحت تهز راحة السلطة من خلال تناولها للكثير من الملفات والقضايا التي تطرحها على الرأي العام الوطني لمواجهة السلطة. هذه الأخيرة عجزت عن لملمة الفضائح جراء فقدانها للمناعة التي تقيها ضربات المعارضة المتسمة بالجدية والفعالية منذ ندوة “مزفران الأولى” التي أتت أكلها في تشكيل أرضية صلبة. وقد مكنت هذه الأراضية المعارضة من صياغة موقف موحد وملائم للتصدي للمناورات والألاعيب التي ظلت تستعملها السلطة في وجه الشعب لإطالة عمرها على منصة التخويف والترهيب.
إذن، تعتقد أن المعارضة الآن في موقف قوة؟
المعارضة بكل أطيافها وبتكاثف كل مكوناتها استطاعت أن ترسم خارطة طريق مستوحاة من ظروف الحال التي تعيشها الجزائر وبلورة موقف موّحد يهدف إلى قراءة موضوعية لحاضر البلاد اليوم وغدا، وراهن الأمة وما يحدث داخل أروقة السلطة وكسر الصمت الرهيب الذي ظل يرافق الكثير من المتواطئين خوفا على مصالحهم وللمزيد من المكاسب على حساب أمن واستقرار مؤسسات الجمهورية .
وللأسف هذا ما يتم تغذيته باستمرار من طرف سلطة تدير ظهرها في وجه كل المبادرات التي تبرزها المعارضة ، وهو ما يقف سدا منيعا في اتجاه مطالب التغيير الذي نتمسك به..لأنه يتعارض ومبدأ ديمومة السلطة التي تأبى أي تغيير يمس أركانها مهما عظم دور المعارضة في مد جسور الاطمئنان نحو السلطة .
أحدثت عودة شكيب خليل إلى ارض الوطن بعد عامين من الغياب الكثير من اللغط.. كيف تقرؤون هذا الحدث؟
الإشكال ليس في عودة شكيب خليل، المصيبة الكبرى هي ما أصاب مؤسسات الدولة من تشوهات جراء هذا التصرف الذي زلزل أركانها، فالعدالة التي تعد الركن الأساس في بناء دولة القانون والضبطية القضائية (DRS) التي ظلت تحرس الجزائر- بما لها وما عليها- من كيد الكائدين وفساد المفسدين، والسلطة الرابعة التي رافقت الندوة الصحافية للنائب العام الذي أبلغ الرأي العام الوطني بإصدار مذكرة دولية لتوقيف شكيب خليل، كل هذا يجرنا للتساؤل من أمر بذلك؟ ليكون الانتقام في أبشع صوره، فتقزيم مؤسسات ظلت صامدة في وجه كل المخاطر التي كانت تهدد كيان الدولة لإشباع نزوات أفراد، ظلوا يختبؤن تحت أشكال متعددة وألوان متنوعة ، ثم لبسوا”قشابية” الجمهورية ليعيثوا فيها فسادا.
وأنت البرلماني السابق في أحسن ما عرفت الجزائر من برلمانات، كيف ترى التعديلات التي جاء بها الدستور الجديد، هل ستدفع بالعمل التشريعي إلى ما هو مأمول، أم ستبقيه أداة من أدوات السلطة يأتمر بأوامرها؟
الدستور الجديد لم يأت بجديد فما كان في دستور 23 فبراير1989 أكبر وأشمل وأفيد وأعمق بالنسبة لعمل السلطة التشريعية. فالفترات التشريعية السابقة وهذه التي تأتي على انقضائها (2017/2012) تم تجميد أدوات الرقابة التي خولها الدستور للنواب كـبيان السياسة العامة، ومحاصرة الأسئلة الكتابية والشفوية، ومساءلة الحكومة، ولجان التحقيق في الملفات الكبرى التي أرعبت الرأي العام الوطني والتي أدار لها النواب ظهورهم .
ما رأيكم في الدور الذي يلعبه مجلس الأمة، هل يخدم استقلالية السلطة التشريعية، أم يعزز هيمنة السلطة التنفيذية؟
مجلس الأمة أو الغرفة العليا هو نتاج لإرادة أقرها دستور1996 الذي منح العمل التشريعي غرفتين تسمى “البرلمان” كان الغرض منها هو أخذ الحيطة لتجنب المغالاة التي تبعث بها أي أغلبية غير متحكم فيها على مستوى الغرفة الأولى في فترة زمنية محدودة كانت تمر بها البلاد.
ولذلك وُجد مجلس الأمة ليضمن للسلطة التشريعية توازنا دقيقا يسمح بتزويد مؤسسات الجمهورية بالنصوص التشريعية التي تمكّنها من ممارسة مهامها الشرعية في فترة معينة ولو مؤقتا، إلى أن يستتب الوضع الأمني العام ويستقر عمل المؤسسات، إلا أن السلطة التنفيذية حولته إلى أداة تعطل كل عمل لا ترغب فيه ومن ثمة فهو أداة أخرى لحبس الإرادة الشعبية، بالرغم من أن كل الأسباب التي فرضت ميلاده قد زالت على حد تعبير السلطة باسترجاع الأمن والأمان.
هل تتوقعون الارتقاء بالعمل النيابي في الانتخابات المقبلة، وتطهير البرلمان، بغرفتيه ممّا يعرف بنواب “الشكارة”.
الارتقاء بالعمل النيابي مرهون أساسا بالعمل النضالي داخل صفوف الأحزاب التي تحولت إلى لجان للتأييد والمساندة لبرامج لم تتمكن حتى من الاطلاع عليها وعلمت منخرطيها على الطاعة والولاء وهذا ما لم يحدث حتى زمن الحزب الواحد.
تعليقات
إرسال تعليق