من غير الوارد بتاتا أن تمر تصريحات رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران دون أن تثير الجدل، خصوصا على مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى رأسها "فيسبوك"، إذ إنه طوال 5 سنوات إلاّ أشهرا قليلة يحضر زعيم حزب العدالة والتنمية في النقاش العمومي إما بنكتة أو ردة فعل غاضبة أو "حشيان الهضرة" لغريم سياسي، أو سب وقذف في حق من لا يستقيم على هواه.
تصريحات بنكيران يتناقلها نشطاء العالم الافتراضي، وتنقسم الانطباعات والآراء حولها، بين من يراها عاكسة للواقع وتخاطب الناس بلغتهم، وبين من يعتبرها شعبوية و"ضحك باسل"، أو "نكت حامضة"، في حين يعتبرها رئيس الحكومة ردود فعل لـ"بنكيران لّي مكيتبدلش ومكتغيروش الكراسي والمناصب".
خطاب شعبوي
محمد سعيد السوسي، الناشط "الفايسبوكي"، والفاعل الجمعوي بمدينة تطوان، يرى أن رئيس الحكومة لا يفرق أثناء خرجاته الإعلامية بين مستويات توجيه الخطاب السياسي، معتبرا أن ذلك مطلوب بالضرورة باعتباره رجل دولة ورئيس حكومة وقائد حزب سياسي.
وشدد السوسي، في تصريح لهسبريس، على أن "بنكيران تعود على الخطاب الشعبوي، والذي يصل في بعض الأحيان إلى مستويات منحطة، بل أكثر من ذلك يصل مستوى الخطاب عنده إلى التهور، ويبلغ في مرات مستوى الإساءة إلى علاقة المغرب مع دول أخرى"، مضيفا: "لا أعتقد أن هذا التهور وهذه الخرجات غير المحسوبة تليق برئيس حكومة المملكة المغربية، كما يمكن اعتبارها سابقة في تاريخ البلد".
وتأسف المتحدث لكون رئيس الحكومة حوّل نفسه إلى موضوع للسخرية بسبب الزلات التي يقع فيها من حين لآخر، وزاد: "ما الانتقاد الواسع الذي يواجه به في وسائط التواصل الاجتماعي، بعد كل انزلاق في كلامه، إلا دليل على عدم رضى الناس عن مستوى خطابه، وهذا حقهم لأنه شخص يمثلهم ويقود حكومتهم".
ظاهرة تواصلية
نبيل الأندلوسي، المستشار البرلماني الشاب المنتمي إلى حزب العدالة والتنمية، اعتبر أن ردود الفعل التي تعقب تصريحات عبد الإله بنكيران، سواء المثمنة والداعمة والمساندة أو المنتقدة، راجعة بالدرجة الأولى إلى مميزات الخطاب السياسي لرئيس الحكومة، وأسلوبه في التعبير عن أفكاره بـ"عفوية غير معهودة في المتبوئ للمنصب الأول في هرم الحكومات المغربية المتعاقبة"، حسب تعبيره.
وزاد موضحا وجهة نظره: "لغة الخشب التي كانت سائدة من ذي قبل هي بطبيعتها باردة ولا تثير ردود فعل ولا تجد من يتفاعل معها، في حين تبقى لغة الواقع والمصارحة وتسمية الأشياء بمسمياتها لغة دالة، لها ما بعدها من تعليقات وتفاعلات وردود فعل. وبكل صدق، فقد أصبح عبد الإله بنكيران ظاهرة تواصلية بامتياز، إذ تجاوز إشعاع الرجل حدود الوطن".
وشدد الباحث في العلوم السياسية على أن "الفايسبوكيين" ليسوا على قلب رجل واحد، "فكل منهم يقيّم خطاب رئيس الحكومة إيجابا وسلبا. لكن مهما كانت التقييمات والتقديرات فهي على المستوى التواصلي تؤكد أن بنكيران نجح في أن يوصل صوته إلى عموم أبناء الشعب المغربي، واستطاع أن يدخل كل بيت ويساهم في تحريك المياه الراكدة في المشهد السياسي، الذي طالما عانى من الجمود والتنميط وقلة الحيوية".
تصريحات متهورة
عبد الإله الستوتي، الناشط "الفايسبوكي"، اعتبر في تصريح لهسبريس أن "شعب فيسبوك" لا يتحاملون على رئيس الحكومة، "بل على العكس، يعبرون عن انتظاراتهم كأفراد واعيين بمواطنتهم"، لافتا إلى أن تصريحاته موجهة في أغلبها إلى خصومه السياسيين، وليس إلى كافة الشعب المغربي، واصفا إياها بـ"التافهة والمتهورة أحيانا".
وختم الستوتي تصريحه بالتأكيد على أن رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، لا يتصرف كرجل دولة من خلال تصريحاته "المتسرعة" في أغلبها، وأضاف: "يتصرف كمهرج يحاول أن يقنع جمهورا في حلقة بساحة جامع الفنا".
كلام مختار بدقة
الفاعل الجمعوي جلال القداري يرى أن تصريحات رئيس الحكومة مختارة وليس عشوائية، وزاد موضحا: "تصريحات عبد الإله بنكيران ليست عشوائية كما يظن الكثيرون، بل غالبا ما تكون مختارة بدقة، وبمصطلحات جديدة في الحياة السياسية المغربية، هي رسائل يوجهها دائما إلى خصومه السياسيين".
واعتبر القداري أن بنكيران يخرج دائما منتصرا بحكم أنه لم يتراجع يوما عن تصريحاته، وأضاف: "رغم تهديد البعض باللجوء إلى القضاء أو غير ذلك لم يتم تسجيل تراجعه يوما، ما يجعله في موقف قوة وانتصار".
تعليقات
إرسال تعليق