قال التقرير السنوي المقدم من طرف النقابة الوطنية للصحافة المغربية إن الانتماء إلى مهنة الصحافة في المغرب، والقيام بعمل جدي وموضوعي في نقل الأحداث الخطيرة وتصويرها، والقيام بالبحث والتقصي في قضايا حساسة، يمكن أن يعرض الصحافي للخطر، خاصة أن عددا من المقاولات والمؤسسات لا تتيح للصحافيين القيام بهذا العمل، وأغلبها، بما فيها العمومية، تظل عاجزة عن حمايتهم والدفاع عنهم في حالة تعرضهم للاعتداء والتعسف.
وقالت الوثيقة المعدة من طرف النقابة الوطنية للصحافة المغربية، والمقدمة أمام أنظار الصحافة الوطنية والدولية بمناسبة اليوم العالمي للصحافة، إن سنة 2015 عرفت استمرار هذا المسلسل من الاعتداءات التي أصبحت تأخذ أشكالا متعددة، تبدأ من العنف اللفظي والسب والإهانات والتهديد والمنع، لتصل إلى الاعتداء الجسدي والضرب والجرح وتكسير أو حجز آلات التصوير.
وكشف التقرير السنوي أن هذه السنة شهدت تحريك عدد من المتابعات القضائية ضد الصحافيين، معظمها من طرف وزراء في الحكومة، تتضمن رزمة من القضايا في الوقت نفسه، ضد الصحافي والمنبر نفسهما، مؤكدا أن مهنة الصحافة تتحول أكثر فأكثر إلى مهنة خطيرة، إذ تتضاعف أشكال العنف والتهجم الجسدي واللفظي على الصحافيين، أمام عجز الحكومة والقضاء عن توفير الحماية الضرورية لممارسة المهنة.
وبخصوص الصحافة الإلكترونية، أكدت المعطيات أن القطاع بات يفرض نفسه كمجال واعد لا يمكن تجاهله، لافتة إلى أن الصحافة الإلكترونية أو الرقمية سجلت السنة الماضية دينامية على جميع المستويات، خاصة على المستوى المؤسساتي، إذ تزايد عدد الصحف الإلكترونية التي تصدر عن شركات، وحاصلة على الإيداع القانوني، ويشتغل فيها صحافيون حصلوا برسم سنة 2016 على بطاقات الصحافة باسم المواقع الإلكترونية التي يشتغلون فيها.
وأشارت الوثيقة إلى أن السنوات القليلة المنصرمة سجلت ما يشبه هجرة لمجموعة من الصحافيين المهنيين من الصحافة الورقية إلى الصحافة الإلكترونية، بعضهم اختار الاشتغال صحافيا وآخرون أسسوا بشكل فردي أو جماعي صحفا رقمية جديدة؛ وهو ما يعكس الجاذبية التي أصبحت لهذا القطاع، بحكم أنه لازال يستقطب عددا من الزملاء من الأسماء الوازنة في الصحافة.
وأبرزت البيانات المتوفرة أن الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، كمؤسسة للخدمة العمومية في مجال السمعي – البصري، لم تستطع مسايرة التحولات والمستجدات التي جاء بها الدستور، وبقيت حبيسة الطابع الرسمي، وهو الأمر الملاحظ من خلال نشرات الأخبار والبرامج، خصوصا في القنوات التلفزية، حيث يتسم المنتوج الإعلامي بنوع من الرقابة الذاتية، وبالنقص في الجرأة الصحافية والإبداع في الأفكار والبرامج، يقول التقرير.
وسجلت النقابة الوطنية للصحافة المغربية نوعا من التخبط والارتجالية والسطحية في معالجة بعض القضايا الآنية، أو حتى تلك الأحداث المنتظرة مسبقا؛ ما يعكس غياب أي إستراتيجية إعلامية واضحة أو تصور لمفهوم الخدمة العمومية لدى بعض المسؤولين في الشركة، الذين لازالوا يدبرون الشأن العام بعقلية إدارية قديمة، تطبعها القرارات الانفرادية الفوقية، وعدم إشراك هيئات التحرير في اتخاذ القرار والتفكير وتقديم المقترحات.
وأوصت النقابة بضرورة إرساء تصور جديد لمفهوم الخدمة العمومية، يتجاوز التوجه الرسمي الحالي لوسائل الإعلام العمومية، ويتجه نحو تطوير إعلام القرب والتقصي الميداني والبرامج الحوارية والتفاعلية مع قضايا وانشغالات المواطنين؛ وذلك انطلاقا من المبادئ الواردة في الدستور، ومن التجارب الدولية المتقدمة في هذا المجال؛ والتي تضمن الحق في الخبر والاستقلالية والتعددية والتنوع والجودة والابتكار. وتطالب النقابة في هذا الإطار بتعزيز تمثيلية المهنيين والمجتمع في المجالس الإدارية لمؤسسات الإعلام العمومي.
أما في ما يخص وكالة المغرب العربي للأنباء، فأشار التقرير إلى أن السنة الفاصلة بين التقريرين سجلت أحداثا غير مسبوقة في تاريخ هذه المؤسسة، عنوانها الأبرز محاربة العمل النقابي، والذي اتخذ أشكالا عدة. وفق تعبير الوثيقة.
وقال التقرير، إنه "لم يسبق في تاريخ هذه الوكالة التي سيرها رجال دولة جديرين بالاحترام أن عرفت هذا المستوى من الانحطاط من التدبير منذ مجيء المدير العام الحالي، خليل الهاشمي الادريسي، الذي انخرط في حرب ضروس ضد النقابيين وضد الفعل النقابي، ضاربا عرض الحائط المقتضيات الدستورية، التي ارتقت بالعمل النقابي إلى مرتبة شريك لا محيد عنه في تطوير وتجويد العمل وتحسين الأوضاع المادية والمهنية للعاملين، ومستعملا في ذلك جميع أشكال التعسف والشطط في استعمال السلطة".
تعليقات
إرسال تعليق